المرأة في عهد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي: شريك استراتيجي في التنمية المستدامة ونموذج حضاري للتمكين

بقلم / د.أمل الديب
تشهد المرأة المصرية في عهد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي مرحلة تاريخية فارقة يمكن وصفها بحق بـ«العصر الذهبي لتمكين المرأة»، حيث انتقلت قضايا المرأة من كونها مطالب اجتماعية إلى كونها ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة وبناء الجمهورية الجديدة. وقد جسّد هذا التحول وعيًا سياسيًا عميقًا بأن المرأة ليست عنصرًا تابعًا في عملية التنمية، بل فاعل رئيسي وشريك متكامل في صياغة السياسات وصناعة المستقبل، وأن أي مشروع تنموي لا يضع المرأة في صلب أولوياته يظل مشروعًا منقوصًا وغير قابل للاستدامة.
وتؤكد التجارب التنموية المعاصرة أن تقدم المجتمعات يقاس بمدى ما تحققه النساء من مشاركة فعلية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية. فالمرأة بما تمتلكه من قدرات قيادية ومعرفية، أثبتت قدرتها على المساهمة في مواجهة تحديات الفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز النمو الاقتصادي، ودعم التحول نحو أنماط إنتاج واستهلاك أكثر استدامة. ولم يعد من الممكن في عصر التنمية المستدامة التقليل من شأن دور المرأة في تحقيق أهداف التنمية، إذ بات تمكينها شرطًا لازمًا لتحقيق الاستقرار والازدهار والسلام المجتمعي.
وفي هذا السياق، يبرز الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، المتعلق بـ«تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات»، باعتباره حجر الزاوية في منظومة الأهداف الأممية، حيث إن المساواة بين الجنسين لا تمثل فقط حقًا أصيلًا من حقوق الإنسان، بل تشكل أساسًا بنيويًا لتحقيق التنمية الشاملة والاستدامة البيئية والاقتصادية. ويُعد إشراك النساء والفتيات في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة أمرًا بالغ الأهمية، لما له من أثر مباشر في تحسين جودة السياسات العامة، وتعزيز كفاءة إدارة الموارد، وضمان عدالة توزيع عوائد التنمية.
وتتسق هذه الرؤية مع التصور الإسلامي الحضاري لدور المرأة، حيث منح الإسلام المرأة مكانة متكاملة، وأقرّ دورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي منذ فجر الدعوة الإسلامية. فقد كانت السيدة خديجة بنت خويلد نموذجًا رائدًا للمرأة العاملة ورائدة الأعمال، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها مرجعًا علميًا وفقهيًا بارزًا، بما يؤكد أن مشاركة المرأة في بناء المجتمع ليست طارئة، بل متجذرة في المنظومة القيمية الإسلامية. ومن ثمّ، فإن تمكين المرأة المعاصر لا يتعارض مع الثوابت الدينية، بل يمثل امتدادًا طبيعيًا لها في سياق تنموي حديث.
وفي الإطار الوطني، تزخر مصر بنماذج نسائية مشرفة جسّدت هذا الدور التنموي بجدارة. فقد برزت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، كنموذج قيادي في قيادة ملف العمل المناخي، وإدارة استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27، بما عكس حضورًا دوليًا فاعلًا للمرأة المصرية في قضايا البيئة والتنمية المستدامة. كما تمثل المستشارة تهاني الجبالي نموذجًا تاريخيًا في تمكين المرأة في السلطة القضائية، فيما تبرز الدكتورة هالة السعيد بدورها في صياغة سياسات التخطيط والتنمية المستدامة، ودمج البعد الاجتماعي والنوعي في الخطط القومية.
وفي المجال الاجتماعي والاقتصادي، تمثل السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، نموذجًا داعمًا لقضايا المرأة والطفل وذوي الهمم، من خلال مبادرات مجتمعية وإنسانية تعزز قيم التمكين والعدالة الاجتماعية. كما برزت نساء مصريات رائدات في مجالات ريادة الأعمال الخضراء والعمل الأهلي، خاصة في المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تسهم في تحقيق التنمية المحلية المستدامة، وتمكين المرأة الريفية، وتعزيز الأمن الغذائي.
وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، تقدم التجربة النسائية نماذج ملهمة تؤكد عالمية دور المرأة في التنمية المستدامة. فقد جسّدت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية السابقة، نموذجًا للقيادة الرشيدة في إدارة الأزمات الاقتصادية والبيئية. كما تُعد جرو هارلم برونتلاند، رئيسة وزراء النرويج السابقة، من أبرز الرموز العالمية للتنمية المستدامة، حيث ارتبط اسمها بتقرير «مستقبلنا المشترك» الذي وضع الأساس المفاهيمي للتنمية المستدامة. وفي مجال العمل المناخي، تبرز كريستيانا فيغيريس كإحدى القيادات العالمية في مفاوضات المناخ، فيما تمثل جريتا تونبرغ نموذجًا للشباب النسائي العالمي في رفع الوعي بقضايا التغير المناخي، رغم اختلاف السياقات الثقافية.
وتؤكد هذه النماذج، على المستويين الوطني والعالمي، أن المرأة تمثل عنصرًا حاسمًا في تحقيق التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، وبيئة نظيفة، ومجتمعات أكثر قدرة على الصمود أمام التحديات البيئية. فالمرأة ليست فقط متأثرة بتغير المناخ، بل هي أيضًا جزء أصيل من الحل، سواء من خلال القيادة السياسية، أو البحث العلمي، أو العمل المجتمعي، أو المبادرات الريادية المستدامة.
وخلاصة القول، إن تمكين المرأة المصرية في عهد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي يمثل ركيزة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة وبناء دولة عصرية حديثة. فحين تُمنح المرأة الفرصة العادلة، وتُدعم بالسياسات والمؤسسات، تصبح قوة دافعة للتقدم والابتكار والاستقرار. ومن ثمّ، فإن الاستثمار في المرأة هو استثمار في مستقبل الوطن والإنسانية جمعاء، وخطوة جوهرية نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة لا تترك أحدًا خلف الركب.







