أشرف رمضان السعدني يكتب: افهموا الدين كما أراده الله
بقلم _أشرف رمضان السعدنى
كثيرون يختبئون خلف مظلة “الدين” ليضغطوا على امرأة مظلومة أو على أهلها، ويطالبونهم بالصبر على الإهانة والضرب والذل باسم “الستر” و”الحفاظ على البيت”، ويقولون للأب: اتقِ الله وأرجع ابنتك لزوجها.
لكن الحقيقة أن هذا الفهم مقلوب، لا علاقة له بروح الشريعة ولا بمقاصدها، بل هو توظيف مشوّه للدين لتبرير الظلم واستمرار القهر.
إن الله سبحانه وتعالى قال:
“وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” [النساء: 58]،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
“انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا”، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال:
“تأخذ فوق يديه” [رواه البخاري].
فالدين لا يأمر أبدًا بأن تعود امرأة إلى رجل ضربها وأهانها وهددها أو جرّها إلى الحرام، بل يأمر بإنصافها، ويمنحها حق الخروج من هذا الجحيم.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل إيذاء المرأة سببًا في أقصر طريق إلى النار، فقال:
“اللهم إني أحرّج حق الضعيفين: المرأة واليتيم” [رواه النسائي].
ومعنى “أحرّج”: أُحمِّل من يضيّعهما الإثم الشديد.
الزواج في الإسلام ميثاق غليظ، قائم على المودة والرحمة، كما قال تعالى:
“وجعل بينكم مودة ورحمة” [الروم: 21].
فإذا فُقدت المودة وغابت الرحمة، واستُبدلت بالإذلال والإهانة والضرب، سقطت المعاني، وبقي الشكل، وهو لا قيمة له شرعًا.
والطلاق في هذه الحال ليس فشلًا، بل طريق مشروع للخلاص، قال تعالى:
“فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان” [البقرة: 229].
ليس من الدين أبدًا أن يُطلب من المرأة أو من أهلها الصبر على الظلم، أو قبول الأذى، أو إرجاعها إلى ضرر محقق بحجة الأولاد أو الشكل الاجتماعي.
بل من الدين أن يُرفع الظلم، ويُردّ الحق، ويُحاسب المؤذي، ويُحمى المظلوم.
ومن يفعل ذلك لا يُلام، بل يُؤجر، لأنه أقام شرع الله على وجهه الصحيح
وختامًا: الدين ليس حائطًا يُشنق عليه المظلومون، ولا عباءةً يتغطى بها الظالمون.
الدين رحمة، وعدل، وكرامة.
ومن يحب الله حقًا، لا يقول للمجروح: اصبر أكثر، بل يقول للظالم: قف، فقد تجاوزت حدود الله.