الحفاظ على العلاقات الاجتماعية من الشائعات
بقلم الأستاذ/إبراهيم الغنام
إن الشرع الحنيف أراد أن يحيا المجتمع المسلم حياة الأمن والتعاطف والمودة والرحمة حتى كأنهم جسد واحد، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم:”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى “.
من أجل ذلك عمَّق الشرع في نفوس أتباعه أنهم إخوة ” المسلم أخو المسلم “. ومنع الشرع كل من تسول له نفسه من كل فعل أو قول يقوض هذه الأخوة الإيمانية، أو يحدث شرخا في العلاقات الاجتماعية، أو فجوة بين أبناء هذا المجتمع.
لقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة ؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19].
وأيضًا قال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) … ( فتثبتوا ) القراءتان مقدمة ونتيجة ( فتثبتوا ) طلب حقيقة الأمر والواقع ، ( فتبينوا ) التبين يعني بيان الشيء بعد التثبت ، وهذه نتيجة ، نتيجة التثبت أن الإنسان يتبين له الأمر فتكون قراءتان إحداهما للمقدمة و الثانية للنتيجة، بالإضافة إلى قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثم }.
وعن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسكنه اللهُ رَدْغَةَ الخَبالِ حتَّى يخرُجَ ممَّا قال )
أي : مَن قال في مؤمنٍ ما ليسَ فيه”، أيِ: افتَرى عليه وذمَّه بالكَذِبِ، “أسكَنَه اللهُ رَدْغةَ الخَبالِ”، والرَّدْغةُ: الوَحْلُ الكَثيرُ، والخَبالُ: الفاسِدُ، والمرادُ : أنَّ اللهَ يُعذِّبُه بِعُصارةِ أهلِ النَّارِ وصَديدِهم “حتَّى يَخرُجَ ممَّا قال” ؛ وذلك بأَن يَتوبَ ويَستَحِلَّ ممَّن قالَ فيه ذلك.